كلمة د. روبير عبدالله في الاعتصام الذي أقيم أمام منزل السفير الفرنسي في بيروت
جورج عبد الله أسير في فرنسا بأوامر أميركية – إسرائيلية، وبتواطؤ من كامل الطبقة السياسية اللبنانية الحاكمة. هذا ليس كلاماً سياسياً، هذا نقل حرفي لتصريحات مرجعيات ومسؤولين فرنسيين وأميركيين من جهة، وسلوك واضح من قبل الطبقة السياسية اللبنانية الحاكمة من جهة أخرى.
في العام 2003 صدر قرار بالإفراج عنه. استأنفت النيابة العامة (الدولة الفرنسية) القرار بحجة أن "المحكمة لم تأخذ بعين الاعتبار التأثير الذي قد يحدث في فرنسا وفي الولايات المتحدة وفي إسرائيل عند إطلاق هذا المعتقل".
في العام 2013 وبعد صدور قرارين قضائيين بالإفراج عنه قالت الناطقة باسم الخارجية الأميركية فيكتوريا نولاند "نشعر بالخيبة ازاء قرار المحكمة الفرنسية اطلاق سراح عبد الله. لقد عارضنا باستمرار اخراجه من السجن".
ورد في حيثيات قراري الإفراج توقيع وزير الداخلية الفرنسي مانويل فالس قرار ترحيله إلى لبنان في موعد أقصاه الرابع عشر من كانون الثاني 2013. رفض الوزير التوقيع. لنكتشف لاحقاً أن الوزير فالس هو مسؤول المؤسسات اليهودية في فرنسا، وذلك في سياق الدعوى التي أقيمت ضد بلديات فرنسية منحت جورج رتبة مواطن شرف بحجة أن هذا العمل يشكل معاداة للسامية. طبعاً لا جورج معني بقضايا معاداة السامية، ولا رؤساء البلديات المقصودة باعتبارهم شيوعيين مهتمون بالصراعات وبالمواقف ذات الأبعاد الدينية لا من قريب ولا من بعيد.
هذه بعض العناوين الدالة على تعسف الدولة الفرنسية وانحيازها الكامل لإسرائيل وأميركا. وسرد تجاوز السلطة الفرنسية لقوانينها بالذات، على مدى 33 عاماً من اعتقال جورج لا تتسع له المناسبة، ولا يفيد أصلاً في شيء، بالأصل فرنسا منحازة لإسرائيل في كل قضايا المنطقة، إذ يكفي أن يجرح إسرائيلي ويقتل مئات الفلسطينيين أو اللبنانيين حتى يكون موقف الدولة الفرنسية الدعوة لضبط النفس في أحسن الأحوال، إن لم يكن تجريم الضحية ومساندة المعتدي. ويكفي من دون التذكير بالتاريخ الاستعماري الإشارة إلى دورها في الإرهاب الذي يلف العالم العربي طولاً وعرضاً.
ما يفيدنا ونحن نشهد تقاطر الوفود لتقديم الطاعة في منزل السفير الفرنسي أن نسأل الفئات الحاكمة اللبنانية:
ماذا فعلتم بقضية جورج عبد الله؟ أين ذهبت استنكارات كل الطيف السياسي اللبناني بعيد رفض الدولة الفرنسية تنفيذ قرارات قضائها؟ أين اللجنة الوزارية المكلفة متابعة ملفه؟ أي مسؤول، غير رئيس الحكومة الأسبق سليم الحص، تجرأ على سؤال مسؤول فرنسي حول مصيره؟
من هي الفئات الحاكمة في لبنان:
فئة موالية حاضراً وتاريخاً للسياسات الفرنسية والأميركية وأحياناً الإسرائيلية: الكنيسة المارونية ومعها الأحزاب المارونية المتقاتلة على حصة الطائفة، تقيم قداساً سنوياً على نية "شهداء" الجيش الفرنسي. لم نشهد في التاريخ بلداً محتلاً يصلي لراحة نفس جنود الاحتلال.
فئة موالية سراً وتدّعي السيادة علناً: حليف المقاومة وزير الخارجية جبران باسيل لم يتفضل بإرسال بطاقة معاتبة لطيفة لمؤتمر حقوقي يقدم فيها مجرد دعم إنساني لجورج عبد الله، ولم يتكرم بالتفضل باستقبالنا لنشرح له الموضوع. تلك هي سياسة إعادة تقديم أوراق الاعتماد للفوز بمنصب رئيس لجمهورية فارطة.
وفئة تسعى لتجنب الأذى: لقد ذبحت يوم ذبح الثور الأبيض، هكذا يا أهل الممانعة كان الاستعمار دوماً ينجح في استفراد خصومه، ويستخدم سياسة القضم، ليس قضم الأرض فحسب، إنما قضم الأرض والقضايا أيضاً. وما هكذا يستمر زمن الانتصارات.
لهم جميعاً نقول:
- لو كان جورج عبد الله طائفياً لوجد طائفة تزود عنه.
- لو كان جورج عبد الله عميلاً إسرائيلياً لارتفعت الأصوات منادية بالأسباب التخفيفية.
- لو كان جورج عبد الله إرهابياً تكفيرياً لوجدت له أسباب تخفيفية أيضاً.
لكن جورج عبد الله مناضل لبناني، بوصلته فلسطين، خصمه الإمبرياليات الغربية وموجوداتها الرجعية في المنطقة. رحلة تحريره كما رحلة تحرير فلسطين ودحر الإمبريالية وموجوداتها طويلة جداً، وهي مثل رحلة بناء العدالة الاجتماعية والتخلص من العصبيات الطائفية تستحق تضحيات جورج وتضحيات آلاف الأسرى في السجون الإمبريالية والإسرائيلية.